من الصعب جدا على الإنسان أن يكتشف في
عرصات القيامة أنه لم يكن يعبد الله، بل كان يعبد هواه، وأنه لم يكن يتبع نبيه،
وإنما كان يتبع أصناما عجنها بشهواته وأهوائه وأعانه الشيطان على تشكيلها، وأنه
فوق ذلك كله لم يكن في حياته جميعا من حزب الله، وإنما كان من حزب الشيطان.. وأن
تسميته لنفسه بالسني أو السلفي أو غيرها من الألقاب لم تكن إلا خدعة شيطانية ضحك
بها الأبالسة عليه ليستضيفوه معهم في دركات جهنم..
هذه ليست أوهاما ولا مخاوف زائفة، بل هي
مخاوف حقيقية تراود عقل وقلب كل إنسان اقتنع اقتناعا تاما بأنه قد وضع في هذه
الدنيا في وضع امتحان وابتلاء واختبار لتبلى سريرته، ويكشف عن معدنه، ويزف بعد ذلك
إلى المقر الذي يتناسب معه إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
وهذه الحقيقة لا يدعو إليها التأمل
العقلي فقط، بل يدعو إليها قبل ذلك وبعده القرآن الكريم رسالة الله إلى عباده، ففيها
من الإنذارات المشددة ما ترتجف له الأفئدة.. فالأمر ليس هزلا، وليس لعبة الأطفال..
والمصير الأبدي الذي ينتظرنا، وينتظر البشرية جميعا بحلوه ومره مرتبط باختياراتنا،
والشيطان متربص بنا في كل لحظة.. لا يدع محلا من الخير والشر إلا راودنا فيه
لينحرف بنا إلى جهته، وليحقق وعده لربه حين قال: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا
أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)﴾ [الحجر:
39، 40]
وقد رسم رسول الله a صورة توضح دور الشيطان في الانحراف
بالإنسان عن سبيل الله، فقد حدث عبد الله بن مسعود قال: خط لنا رسول الله aيوما خطا، وخط