من أخطر
العقبات التي تحول بين المسلمين والتفكير في الوحدة هو خوفهم على مذاهبهم وأئمتهم
والأفكار التي ربوا عليها، والطقوس التي عاشوا يمارسونها.
وهذا خوف لا
مبرر له من الناحية الشرعية، ولا من الناحية العقلية، ولا من الناحية الواقعية،
ولا من ناحية الأئمة الذين يأخذون منهم دينهم، ويعيشون في صحبتهم والولاء لهم.
أما من
الناحية الشرعية.. فالشريعة بمصادرها المقدسة تذكر أن المقصد الأول لتعدد البشر في
أعراقهم وألوانهم وأديانهم هو التعارف .. وهو لن يكون من دون تعايش واحتكاك
وتواصل.. ولو كان لذلك كله خطر على العقيدة والدين لنهينا عن الاحتكاك بغيرنا،
ولأمرنا أن نبني لأنفسنا عالما خاصا، نكون فيه لوحدنا، ولا يكون معنا فيه غيرنا.
وقد قال
الإمام علي في تطبيق تلك التعاليم المقدسة في خطابه لمالك الأشتر: (يا مالك إن
الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق)
أما من
الناحية العقلية، فإن سنة الله الجارية في كل شيء قائمة على التنوع والاختلاف،
فهما موجودان في كل الأشياء.. وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَفِي
الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ
صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا
عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
﴾ [الرعد: 4]، وقد ختمت الآية الكريمة بهذه الفاصلة العظيمة: ﴿إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾، لتنبه إلى أن تجاور هذا القطع
مع اختلافها وتنوعها في الألوان والمظاهر ليس خاصا بعالم النبات فقط، بل يمكن أن
يتعدى إلى كل العوالم.. بما فيها عالم الخلافة الإنسانية.
أما من
الناحية الواقعية، فقد شهد التاريخ والجغرافية الإسلامية في فترات كثيرة