إن الروائح
المنتنة المنطلقة من أحاديثهم ملأت المسجد، وتكاد تنفر الناس منه..
ضحك أعضاء
الهيئة الذين تحدثت إليهم كثيرا، ثم قالوا لي: لاشك أن معلوماتك في الدين بسيطة
جدا.. فالغيبة والنميمة والتجسس والتحسس حرام على كل الناس، ما عدا أولئك المشايخ،
فلولاهم ولولا تلاميذهم لحرف الدين، وضل الناس..
قال آخر: لعلك
لم تسمع بما رواه البيهقي من طريق الحسن بن ربيع قال: قال ابن المبارك: المعلى بن
هلال هو ( كذا ) إلا أنه إذا جاء الحديث يكذب، فقال له بعض الصوفية: يا أبا عبد
الرحمن تغتاب؟ قال: اسكت، إذا لم تبين كيف يُعرف الحق من الباطل.. أو نحو هذا.
وهكذا راحوا
يرددون علي ما ورد عن سلفهم من النصوص في إباحة الغيبة.. فسألتهم عن التجسس..
فذكروا لي أضعافها من النصوص.. وهكذا لم أذكر جريمة من الجرائم ولا كبيرة من
الكبائر التي نهى الله عنها إلا ووجدت عندهم من الأسانيد ما يرفع الحرج فيها عنهم.
شكرتهم وخرجت
متثاقلا.. وكأن الشياطين قد وضعت أغلالها على قدمي.. وبدل أن أذهب إلى الروضة
الشريفة والزيارة المباركة عدت إلى الفندق.. ولم أتخلص من تلك الوساوس إلا بعد
فترة من الزمن.
وقد صرت
بعدها كلما مررت على تلك المجالس أغلق أذني، وعيني، حتى لا تصطادني شياطين الإنس
والجن المحيطة بذلك الجوار المقدس.