responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عقول معطلة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 84

قلت: هل تقصد أنك لم تكن تشعر بالقبضة القوية التي كان حرب يسلطها عليك؟

قال: كان يشعر بها جسدي.. ولكن روحي لم تكن تتألم لها، لأن بلسم السلام الذي تضعه الملائكة والأرواح النورانية على جراحي وآلامي كان يكسبني من السعادة ما لا يمكن تصوره.

قلت: الذي أعرفه أن ذلك يكون في الآخرة.. وليس في الدنيا.

قال: الدنيا والآخرة أخوان.. أحدهما يعيشه الظاهر والجسد، والآخر يعيشه الباطن والروح.. فمن شاء أن يدخل جنته في دنياه دخلها، ومن شاء أن يدخل ناره دخلها.

قلت: على حسب قولك هذا، فإن حربا يعيش في نار أحقاده.

قال: عندما كنت أراه كنت أرى الثعابين تحيط به، والحيات تطوق عنقه، والنيران تلتهم قلبه.. وكنت أشفق عليه إشفاقا شديدا، ولذلك لم أكن أقابله إلا بالابتسامة لأطفئ تلك النيران التي تحرقه.. لكن نيرانه لم تكن تنطفئ بابتسامتي، بل لم تكن تزيد إلا التهابا.

قلت: أخبرني عنك الآن.. كيف أنت؟

قال: أنا الآن في عالم السلام الذي أحببته وعشت له ومن أجله.. وفي عالم السلام كل سعادة وراحة وطمأنينة وصدق..

قلت: وحرب؟

قال: إن الله بفضله العظيم لا يعطينا إلا بحسب قابلياتنا.. ولو أنه أعطى حربا ما أعيشه الآن لما أطاق، ولازداد عذابه، ولتعذب كما كان يتعذب بابتسامتي، ولذلك كان من عدل الله ورحمته أن ينزله في المحل الذي تأنس فيه نفسه.. ولم تكن نفسه لتأنس إلا بالصراع.. ولهذا وفر له كل ما يشتهيه من صراع، ليتنعم به.

قال ذلك، ثم غاب عني من غير أن أعرف كيف حضر، ولا كيف غاب.. ولكن حضوره كان أعظم مؤنس له.. وقد ظللت أشم عطره زمنا طويلا.. وظللت أشاهد أنواره

نام کتاب : عقول معطلة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست