قال: ومن أين
لوكالات الأنبياء أن تصور الإنسان.. إنها لا تصور سوى كفن الإنسان ولباسه الذي
يلبسه.. أما حقيقته، فأعظم من أن تصور، أو يحاط بها.
قلت: لقد
تألمت كثيرا لما حصل لك.
قال: لو عرفت
حقيقة ما حصل لي لسررت سرورا لا يطيقه جسدك، ولفرحت فرحا يظل معك طول عمرك.
قلت: فهلا
حدثتني عن حقيقة ما حصل لك؟
قال: ذلك
أعظم من أن يصور.. فلعالم الملكوت أذواقه وألوانه التي لا توجد في عالم الملك..
ولا يمكن لأي لغة في الدنيا أن تعبر عنها.
قلت: وتلك
الطعنات ألم تؤلمك؟
قال: لقد كنت
أرى الملائكة، وهي تضع مكان كل طعنة سلاما ومحبة وسعادة، تمنيت معها لو تحولت إلى
غبار أو رماد لتنعم كل خلية من خلاياي بذلك النور المقدس.
قلت: لم يكن
ألمي بسبب تلك الطعنات فقط.. بل تألمت لأنك طردت من عملك، واضطررت مع علمك الكثير
إلى أن ترعى الغنم.
قال: لو كنت
تعيش المشاعر التي أعيشها، وتشاهد المشاهد التي كنت أشاهدها لما تألمت لحظة
واحدة.. لقد كنت أشعر بعبوديتي الله، وفضله العظيم علي.. وكنت مع تلك الشياه التي
أرعاها، أعيش مع كل من رعاها من الأنبياء والأولياء والصديقين، فآنس بهم، وبلقائهم
أنسا لا يمكن التعبير عنه.
قلت: وقد
تألمت لما كان حرب يذيقك إياه من ألوان بطشه.
ابتسم، وقال:
يحق لك ذلك.. لأنك كنت ترى جسدي، ولم تكن ترى روحي، ولم تكن ترى تلك الطيور
الجميلة التي كان تغرد حولي، وتؤانسني..