وَالْفُؤَادَ
كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا﴾ [الإسراء:36]، فهذه الآية الكريمة
تنهى أن نبحث في شيء لم تكتمل لدينا أدواته.. لا في أمور الدنيا، ولا في أمور
الآخرة.. إلا إذا استندنا إلى المصادر المعصومة في ذلك، مع الاكتفاء بها.
وهكذا ورد في
الأحاديث النبوية الشريفة الكثير من النصوص التي تحذر من الكلام في الدين بغير علم
معصوم، فقد قال (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (إياكم والظن، فإن
الظن أكذب الحديث)[1]
وفي حديث آخر
روي أنّ رجلا جاء رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) فقال: علّمنى من غرائب العلم، فقال له:
ما صنعت في رأس العلم؟ فقال: وما رأس العلم؟ فقال (صلیاللهعلیهوآلهوسلم):
هل عرفت الربّ تعالى؟ قال: نعم. قال فما صنعت في حقّه؟ قال: ما شاء الله . فقال (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): هل عرفت الموت؟ قال نعم. قال فما أعددت له؟ قال: ما
شاء الله . قال (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (اذهب فأحكم ما هناك، ثم تعال نعلّمك من
غرائب العلم)[2]
لكن الشيطان
استطاع أن يقنع فئات كثيرة من هذه الأمة ـ كما أقنع من قبلها من الأمم ـ بأن العلم
ليس في التحقيق، وليس في الاكتفاء بالمعصوم، وإنما في حيازة أكبر قدر من المعلومات
التي لا يهم مصدرها، بقدر ما تهم كثرتها.
وقد بدأ هذا
التضليل منذ السلف الأول، حين لم يكتف المسلمون ـ بفعل الإغواء الشيطاني ـ بالهدي
الإلهي المتمثل في الثقلين اللذين أوصى رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
بالاكتفاء بهما، وراحوا إلى كعب الأحبار ووهب بن المنبه وغيرهما يسألونهما عن
تفسير القرآن
[1] مالك (2/907، رقم 1616) ، وأحمد
(2/287، رقم 7845) ، والبخارى (5/1976، رقم 4849) ، ومسلم (4/1985، رقم 2563)
[2] رواه ابن السني وأبو نعيم في كتاب
الرياضة وابن عبد البر، انظر: تخريج الحافظ العراقي: إحياء علوم الدين (1/ 65)