وحقائق الوجود والكون والتاريخ.. ولم
يتركوا شيئا إلا سألوهم عنه.. كل ذلك لإرضاء ذلك الفضول المعرفي الذي تسرب إليهم
الشيطان من خلاله.
وقد ورد في
بعض الروايات أن بعض الناس سألوا كعبا هذا السؤال الخطير: (أين كان الله جل جلاله
قبل أن يخلق عرشه، ومم خلق الماء الذي جعل عرشه عليه؟)
ولم ينتفض
كعب غضبا لهذا السؤال التجسيمي، وإنما راح ـ إرضاء لسائليه ـ يفتح كل نوافذ الكذب،
ويحدثهم بما لا يوجد لا في القرآن، ولا في التوراة، ولا في أي كتاب من كتب
الدنيا.. فقد كان من ضمن حديثه قوله: (إن الله تعالى كان قديما قبل خلق العرش،
وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء، فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها
البحار الغامرة واللجج الدائرة، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته،
وأخر ما بقي منها لمسجد قدسه) [1]
وقد ورد في
بعض الروايات أن الإمام عليا سمع هذه الفرية الخطيرة، فقال ردا عليها: (غلط أصحابك،
وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه، يا كعب ويحك إن الصخرة التي زعمت لا تحوي
جلاله ولا تسع عظمته، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره، ولو كانت الصخرة والهواء
قديمين معه لكانت لهما قدمته، وعز الله وجل أن يقال: له مكان يؤمى إليه، والله ليس
كما يقول الملحدون، ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان ولا مكان بحيث لا تبلغه
الأذهان)[2]
وهكذا كان
موقف ابن عباس من ذلك الفضول المعرفي الذي جعل الناس في أول الإسلام ينصرفون عن
المصادر المعصومة إلى المصادر المختلطة، فقال: (كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء
وكتابكم الذي أنزل على رسول الله أحدث تقرؤونه محضا