وغيرها من
النصوص الكثيرة التي تبين أهداف التصوف، ووسائله وأساليبه وحقائقه ونحو ذلك..
وكلها مما يعرض على القرآن الكريم ليعرف نسبته للدين اقترابا أو ابتعادا.
لكن هذا لم يستمر
طويلا.. أو لم يستمر عند جميع الصوفية.. فقد ظهرت الطامات، وظهر معها انحراف كبير
عن ظواهر الشريعة.. وأصبحت العقيدة تؤخذ بالكشف والإلهام والمنامات.. وأصبح كمال
الإنسان وولايته أن يرطن بعبارات غريبة عن الدين وحقائقه القطعية.
ولذلك ظهر
نقد التصوف.. ليس عندي .. ولا عند المخالفين للصوفية.. وإنما عند كبار الصوفية
أنفسهم.. فلا نجد مصدرا من مصادر التصوف الكبرى إلا ونجد فيه نقد ما أحدثه
الصوفية، وانحرفوا به عن القيم الأولى للتصوف.
فالقشيري (ت465هـ)
ـ صاحب الرسالة التي تعتبر دستورا للتصوف ـ يقول في مقدمة رسالته: (اعلموا، رحمكم
الله، أن المحققين من هذه الطائفة انقرض أكثرهم ولم يبق في زماننا من هذه الطائفة
إلا أثرهم، كما قيل:
أما الخيام
فإنها كخيامهم ... وأرى نساء الحي غير نسائها
حصلت الفترة
في هذه الطريقة.. لا، بل إندرست الطريقة بالحقيقة: مضى الشيوخ الذين كان بهم اهتداء،
وقل الشباب الذين كان لهم بسيرتهم وسنتهم اقتداء، وزال الورع وطوى بساطه، واشتد
الطمع وقوى رباطه. وارتحل عن القلوب حرمة الشريعة، فعدوا قلة المبالاة بالدين أوثق
ذريعة ورفضوا التمييز بين الحلال والحرام. ودانوا بترك الإحترام. وطرح الاحتشام،
واستخفوا بأداء العبادات، واستهانوا بالصوم والصلاة، وركضوا في ميدان الغفلات
وركنوا إلى انباع الشهوات، وقلة المبالاة بتعاطي المحظورات، والارتفاق بما يأخذونه
من السوقة، والنسوان، وأصحاب السلطان. ثم لم