سكت عن نصرة الحق ـ في أي زمان ومكان
يحتاج إليه فيه ـ لا يختلف عمن تولى عن الزحف.
وقد ذكر
القرآن الكريم هذا عن أولئك الخوالف الذين لم ينضموا للمشركين في قتال المسلمين،
لكنهم أيضا لم ينضموا للمسلمين لنصرتهم عندما تألبت عليهم الأحزاب، فقال: ﴿يَحْسَبُونَ
الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم
بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم
مَّا قَاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الأحزاب:20]
وهذا النوع
من التفكير والحياد هو الذي وقع فيه من توقفوا عن نصرة أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب مع علمهم بأنه الإمام الحق.. بل مع علمهم أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
نفسه أخبرهم بأن الناكثين والقاسطين والمارقين يجتمعون على حربه، ومع ذلك راح
البعض يكسرون سيوفهم، ويتوهمون أنهم محايدون، وينسون أنهم قد خذلوا الحق، لتتمكن
دولة الباطل، ولتخرج الإمامة من السابقين الصادقين أصحاب الزهد والورع إلى البغاة
الطلقاء أصحاب الحرص والجشع.
وقد كان
الإمام علي يذكرهم كثيرا في خطبه، ويشنع عليهم، ويذكرهم بتقاعسهم عن نصرة الحق
بحجة الورع البارد.
ومن كلماته في ذلك قوله: (ظهر الفساد، فلا منكر مغير، ولا زاجر مزدجر، أفبهذا
تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه، وتكونوا أعز أوليائه عنده هيهات لا يخدع الله
عن جنته، ولا تنال مرضاته إلا بطاعته)، وقوله: (وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد
فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضى)، وقوله: (الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم،
وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضى به)، وقوله: لا يترك الناس
شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه)
وقوله ـ وهو
ممتلئ ألما من أولئك المتخاذلين ـ : (أيها الناس، لو لم تتخاذلوا عن