وقال تعالى
في وصف طعامهم: ﴿لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَلا
يُغْنِي مِن جُوعٍ﴾ [الغاشية:6-7]، وقال: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا
الضالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِؤُونَ مِنْهَا
الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ هَذَا
نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الواقعة:51-56]، وقال: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا
أَنكَالًا وَجَحِيمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا﴾ [المزمل:12-13]،
فهل هذا وصف لعذاب أم لنعمة؟ وهل هو وصف لسجن ممتلئ بزنزانات التعذيب، أم هو وصف
لفنادق ممتلئة باللذة والعذوبة؟
وقال تعالى
في وصف آلامهم وصياحهم وعذابهم:
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ
فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ
كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا
غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن
تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾
[فاطر:36-37]، وقال: ﴿ إِنا أَعْتَدْنَا لِلظالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ
سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي
الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا﴾ [الكهف:29]، فهل يمكن
لمن نزل الفنادق الممتلئة بالعذوبة أن يندم أو يطلب الخروج منها؟
بعد أن ذكرت
له هذا وغيره، قال لي: أنت تقرأ القرآن بعقلك، وفي منزلتك .. لكن عندما ترقى إلى
المنازل العليا، وتكشف لك الحقائق.. فستفهم من هذه الآيات التي كنت تقرؤها خلاف ما
تفهم الآن.
قلت: لا
بأس.. فهل وصلت أنت إلى تلك المحال، واكتشفت بنفسك تلك الحقائق؟
قال: أنا لا
أحتاج لكل ذلك، فحبي لأهل الله وأوليائه، وتصديقي المطلق لهم، يجعلني أرى الحقائق
بعيونهم، وأسمعها بآذانهم.. لقد قال الإمام الجنيد: (لو علمتُ أن لله عِلماً تحت
أديم السَّماء أشرف من هذا العلم الذي نتكلم فيه مع أصحابنا وإخواننا،