من الأوهام
الخطيرة التي انحرفت بالدين، وبالقيم النبيلة التي جاء لتحقيقها على أرض الواقع،
تلك العنصرية المقيتة المتلبسة بلباس الدين، والتي تفرق بين المؤمنين ومكانتهم عند
الله تعالى وفي المجتمع، لا على أساس أعمالهم، وإنما على أساس أنسابهم.
وهذا ضرب لكل
النصوص المقدسة من القرآن الكريم والسنة المطهرة التي تؤكد بمختلف صيغ التأكيد على
أن الله تعالى لا يحابي أحدا، وأن مكانة كل امرئ وجزاءه وعقوبته مرتبطة بأعماله،
ولا علاقه لها بغير ذلك.
وإلا فإن
مخالفة هذا المعنى تضرب مباشرة العدل الإلهي، وموازين العدالة المطلقة التي
أقامها، والتي لا يضيع فيها مثاقيل الذر..
وهي تنسخ، بل
تحرف كل ما ورد في القرآن الكريم من أمثال قوله تعالى: ﴿لَّيْسَ
بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ
بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا﴾ [النساء:123]،
فالآية الكريمة اعتبرت كل ميزان وضعه البشر من غير العمل مجرد أمان وأوهام لا
علاقة لها بالواقع.
وهكذا تنص
الآيات الكريمة على أن الإنسان لن يرى في الآخرة إلا كسبه وعمله إن صالحا، فسيجازى
عليه.. وإن سيئا، فسيجازى عليه، وفق القوانين الإلهية المرتبطة بالكون جميعا..
فليس هناك أمة أفضل من أمة، ولا شخص أفضل من شخص.
وقد قال
تعالى في تقرير ذلك: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ
ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون﴾ [البقرة:281]،
وقال: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون﴾ [آل
عمران:25].