نام کتاب : دعوها.. فإنها منتنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 17
فأنت بالروح.. لا بالجسم إنسان
الطين وحده، وما نشأ عنه من لحم وعظام وخلايا وأعضاء وأنسجة لا يكفي ليحول
من الإنسان إنسانا..
بل هو في أحسن أحواله ليس سوى آلة من آلات الروح تستعمله لتعبر من هذا
العالم إلى عالم أسمى وأجمل وأرفع..
وهو في أحسن أحواله ليس سوى تجل من تجليات الروح، ومظهر من مظاهرها، وخادم
من خدمها.. والحقيقة وراء ذلك كله.
لذلك لا يمكن لدعاة العنصرية أن يفهموا الإنسان مهما استعملوا من وسائل..
وكيف يفهمونه، وهم ينظرون إلى ألوان الجسد لا إلى ألوان الروح، ويسمعون لغة اللسان،
ولا يسمعون إلى لغة الحقيقة المختفية وراءه، تلك الحقيقة العلوية الرفيعة التي
لولاها ما سجد الملائكة للإنسان، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ (الحجر:29)
لذلك فإن الدعوة العنصرية تصطدم بالحقيقة الإنسانية قبل أن تصطدم بأي شيء
آخر، لأنها تميز الناس على حسب أجسادهم لا على حسب أرواحهم، ومثلها في ذلك مثل من
يميز مراتب الناس على حسب ألوان ثيابهم، أو أنواع سياراتهم، أو عدد غرف منازلهم..
وكل ذلك خلاف ما تقتضيه الفطرة السليمة التي عبر عنها أبو الفتح البستي
نام کتاب : دعوها.. فإنها منتنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 17