وعندما ذكر منشأ
غرور الكفار ومن شابههم من العصاة، قال: (ومنشأ هذا الغرور الجهل بالله تعالى..
وبصفاته.. فإن من عرف الله تعالى فلا يأمن من مكر الله.. وينظرون إلى فرعون وهامان
وثمود وماذا حل بهم.. مع أن الله تعالى أعطاهم من المال.. وقد حذر الله تعالى مكره
فقال تعالى: ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ
الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99].. وقال تعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ
اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 54].. وقال تعالى: ﴿
فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴾ [الطارق: 17].. فمن أولى
نعمة يحذر أن تكون نقمة)[2]
أما في [إحياء
علوم الدين]، فقد ذكر فيه ما هو أعظم من ذلك كله، فكل الإحياء دعوة إلى الورع،
ومحاسبة النفس، وتفقد النقير والقطمير من الأعمال، مع ربط ذلك كله بمحاسبة الله
لعباده، واعتبار الأمل في رحمة الله الواسعة بعيدا عن العمل مجرد أماني كاذبة.
وقد ذكر في باب
الخوف والرجاء، خطورة استعمال أدوية الرجاء والأمل في رحمة الله الواسعة مع من
غلبته المعاصي، فقال: (اعلم أن هذا الدواء يحتاج إليه أحد رجلين إما رجل غلب عليه
اليأس فترك العبادة، وإما رجل غلب عليه الخوف فأسرف في المواظبة على العبادة حتى
أضر بنفسه وأهله.. وهذان رجلان مائلان عن الاعتدال إلى طرفي الإفراط والتفريط
فيحتاجان إلى علاج يردهما إلى الاعتدال.. فأما العاصي المغرور المتمني على الله مع
الإعراض عن العبادة واقتحام المعاصي؛ فأدوية الرجاء