نام کتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 168
فإذا أنا منغمس
في العلائق، وقد أحدقت بي من الجوانب، ولاحظت أعمالي - وأحسنها التدريس والتعليم -
فإذا أنا فيها مقبل على علوم غير مهمة، ولا نافعة في طريق الآخرة، ثم تفكرت في
نيتي في التدريس، فإذا هي غير خالصة لوجه الله تعالى، بل باعثها ومحركها طلب الجاه
وانتشار الصيت، فتيقنت أني على شفا جرف هار، وأني قد أشفيت على النار، إن لم أشتغل
بتلافي الأحوال. فلم أزل أتفكر فيه مدة، وأنا بعد على مقام الاختيار، أصمم العزم على
الخروج من بغداد ومفارقة تلك الأحوال يوماً، وأحل العزم يوماً، وأقدم فيه رجلا
وأؤخر عنه أخرى. لا تصدق لي رغبة في طلب الآخرة بكرة، إلا ويحمل عليها جلد الشهوة
حملة فيفترها عشية، فصارت شهوات الدنيا تجاذبني بسلاسلها إلى المقام، ومنادي
الإيمان ينادي: الرحيل الرحيل! فلم يبق من العمر إلا قليل، وبين يديك السفر
الطويل، وجميع ما أنت فيه من العلم والعمل رياء وتخييل! فإن لم تستعد الآن للآخرة،
فمتى تستعد؟)[1]
وهكذا ذكر في
كتابه [أصناف المغرورين] الكثير من مظاهر الغرور، والتي تتأسس جميعا على الاعتقاد
برحمة الله الواسعة مع التقصير في العمل الصالح، وقد عقد فيه فصلا خاصا بعصاة المؤمنين،
وعرفهم بأنهم (من يتكلون على عفو الله ويهملون العمل)
ومما جاء فيه
قوله: (وأما غرور العصاة بالله من المؤمنين فقولهم: غفور رحيم، وإنما يرجى عفوه
فاتكلوا على ذلك وأهملوا الأعمال وذلك من قبل الرجا فإنه مقام محمود في الدنيا.
وأن رحمة الله واسعة ونعمته وشاملة وكرمه عميم، وأنا