نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 196
«ثم» التي استدلوا
بها ليس المراد منها تأخر خلق آدم عن الطين، وإنما المراد منها المراحل التي يمر
بها الجنين، والتي ذكرت في القرآن الكريم بنفس الصيغة، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا
النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ
تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ
وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ
إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا
أَشُدَّكُمْ} [الحج: 5]
ومن ذلك
استدلالهم بالتفريق بين البشر والإنسان، وهو تكلف عجيب، وعدم فهم للغة القرآنية،
وهو نفس ما وقعوا فيه من التفريق بين أمور كثيرة لإلغاء حقائق الأشياء، بدعوى عدم
الترادف، مع أن عدم الترادف لا يعني تغير حقائق الأشياء، وإنما يعني أوصافها فقط..
كما يقول الغزالي: (هذه الأسامي مختلفة المفهومات، وليست مترادفة لأن الصارم يدل
على السيف من حيث هو قاطع، والمهند يدل على السيف من حيث نسبته إلى الهند، والسيف
يدل دلالة مطلقة من غير إشارة إلى غير ذلك)[1]
وهكذا، فإن
لفظتي البشر والإنسان مترافتان من حيث الحقيقة المرادة منهما، ومختلفتان من حيث
دلالة كل منهما على الأوصاف المرتبطة بالإنسان.. فالبشر له دلالته اللغوية الخاصة،
والإنسان له دلالته اللغوية الخاصة، ولو أن كليهما يشتركان في الدلالة على
الإنسان.
ومثل ذلك مثل
أسماء الله الحسنى، فهي لا تعني أن لكل اسم إله الخاص به، وإنما تعني أن الله تعالى
واحد لكن له أسماء كثيرة بحسب الاعتبارات المختلفة.
ومن هذا الباب
نجد في اللغة أسماء كثيرة للسيوف وللجمال بل حتى للخمر،