نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 195
خلق جوهر
الإنسان أوّلا طينا، ثم جعل جوهره بعد ذلك نطفة)[1]
فالآية الكريمة
تدل على أن أصل خلقة بني آدم وابتداءها كانت من الطين مباشرة، وليس من حيوانات
سابقة، كما قال تعالى مقررا ذلك في آية أخرى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ
سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا
تَشْكُرُونَ } [السجدة: 7 - 9]
بالإضافة إلى
ذلك، فإن الآية الكريمة التي لووا أعناقها تخالفهم تمام المخالفة، فالله تعالى ذكر
أن آدم عليه السلام خلق من طين، بينما هم يذكرون أنه خلق لأبوين، أي من أب وأم..
وبذلك يمكن أن ننسب خلقة كل شخص إلى الطين مع أن الله تعالى أخبر أن سلالة آدم
عليه السلام من سلالة من ماء مهين، كما قال تعالى: { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ
سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 8]، بينما يرى التنويريون أن آدم نفسه من
سلالة من ماء مهين.. وهو خلاف ما ذكره القرآن الكريم.
أما الإشكال
الأكبر الذي وقعوا فيه، والذي نشأ من عدم معرفتهم باللغة القرآنية، فهو تصورهم أن
قوله تعالى: { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ
السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } [السجدة: 9]
خاص بآدم عليه السلام، بينما الأمر ليس كذلك، فهذه الآية الكريمة جاءت بعد قوله
تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ } [السجدة: 8]،
وهي تشير إلى أن تلك التسوية والنفخ تعبير عن المراحل التي يمر بها الجنين، كما
ذكر ذلك في آيات أخرى، وبالتالي فإن أداة