بل إن السلف
الأول من الصحابة أنفسهم ردوا أحاديثه، واتهموه في الرواية، بل فيهم من اتهمه
بالكذب، ومن الأمثلة على ذلك ما روي من رد عائشة على أبي هريرة حول ما رواه عن
رسول الله a من قوله: (إنما الطيرة في المرأة، والدابة، والدار)، ففي الحديث
عن أبي حسان الأعرج، أن رجلين، دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة يحدث أن نبي
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، كان يقول: (إنما الطيرة في المرأة، والدابة، والدار)، قال: فطارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض، فقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول، ولكن نبي الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كان
يقول: (كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة والدار والدابة، ثم قرأت عائشة: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ
وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: 22]) [2]
وفي رواية عن
مكحول، قيل لعائشة إن أبا هريرة، يقول: قال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم):
(الشؤم في ثلاثة: في الدار والمرأة والفرس)، فقالت عائشة: لم يحفظ أبو هريرة لأنه دخل ورسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، يقول: (قاتل الله اليهود، يقولون إن الشؤم في ثلاثة: في الدار والمرأة والفرس، فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله)
فهذا الحديث
بروايتيه يشير إلى ذلك التسرع الذي اتسمت به رواية أبي هريرة للأحاديث، وهو ما
جعله يقع في خلط كثير، ولهذا غضبت عائشة، بل طارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض، من ذلك الخلط الذي يمارسه أبو هريرة
في رواية