نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 47
استنباطاته
فيها من نفس المنابع التي نهل منها كعب الأحبار ووهب بن المنبه وغيرهما من التكلف
الممقوت، والفضول الذي نهينا عنه.
ومن ذلك ما فسر
به قوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ
أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ
ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14]، والتي كان يمكن أن يقرأها كما يقرؤها أي مؤمن من أن نوحا
عليه السلام مثال للصبر الجميل، وأنه مكث كل تلك المدة مع قومه يؤدي رسالة الله،
ويبلغ حججه من غير أن يضيق أو يضجر، ويقرأ منها مدى صبر الله وحلمه على خلقه، وأنه
لم ينزل بهم عقوبة الطوفان إلا بعد تلك السنين الطوال.
لكن شحرورا لم
يقرأها بهذه الطريقة، بل راح يبحث عن الحيلة التي يحول بها تلك المئات من السنين
إلى أربعين سنة، وكأن الله الذي خلق كل شيء يعجز أن يمد في عمر نوح عليه السلام
إلى تلك المدة التي ذكرها القرآن الكريم.
وسنذكر هنا ما
ذكره لنرى عجائب ما استدل به لذلك؛ فقد قال: (كانت الأعمار في عهد نوح لا تزيد
أبداً عن الأعمار في يومنا هذا، بل لعلها كانت أقل، فلقد أثبتت الوثائق التاريخية
أن متوسط الأعمار عند الفراعنة لا يزيد عن 40 عاماً، أما الزعم بأن عمر آدم كان
ألف عام، وأن نوحاً لبث في قومه تسعمائة وخمسين عاماً يدعوهم إلى الإسلام فهذا ضرب
من العبث والتخريف، لا نلوم عليه أصحاب التراث التوراتي لأن علوم التاريخ كانت
مجهولة لديهم، لكننا نلوم المعاصرين الذين ما زالوا يظنون ويفرضون علينا ظنهم، أن
الإنسان كان يعيشِ ألف عام وأكثر)[1]