نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 48
وهذا استدلال
عجيب، إذ كيف يستدل بالوثائق التاريخية المرتبطة بالفراعنة على زمن نوح عليه
السلام، والذي لا نملك أي آثار تدل عليه؛ فالآثار لم تحفظ لنا كل التاريخ، ولذلك
من العجيب أن نستدل على حقائق التاريخ، وخاصة ذلك الموغل منه في القدم بما ليس
لدينا أي حجة أو براهين عليه، ثم ننسف بعد ذلك الحقائق القطعية التي حكاها لنا
ربنا.
وبعد أن يضع
شحرور تلك المقدمة التي لا تملك أي حظ من العلمية، يقدم مقدمة أخرى، يتفق الجميع
على صحتها، لكنه يستخدمها بطريقة خاطئة، فيعتمد ـ مثل عادته ـ القواعد الصحيحة، لا
للبناء، وإنما للهدم؛ فيقول: (من حيث المبدأ، إذا تعارض ظاهر نص قرآني مع حقيقة
علمية ثابتة وجب اللجوء إلى التأويل، وإن تعارض فهمنا لنص قرآني مع حقيقة علمية
ثابتة حكمنا بأن فهمنا للنص هو الخطأ، وليس النص بذاته، لأن كلام الله تعالى بداهة
لا يمكن ولا يجوز أن يتعارض مع كلماته أي مع قوانينه ونواميسه)[1]
وهذه حقيقة،
ولكنها تستعمل عندما يتعارض ظاهر النص القرآني مع ما ثبت علميا، وما ذكره عن
الفراعنة ليس له علاقة بتاتا بعمر نوح عليه السلام، ولا أعمار قومه؛ فالمسافة
بينهما طويلة، ولا يمكن قياس الغائب على الشاهد.
والنتيجة التي
وصل إليها بعد لف ودوران طويلين هي ما عبر عنه بقوله: (إن القرآن استعمل التقويم
الذي كان سائداً في عهد نوح، وليس في تقويمنا نحن، فمتوسط أعمار البشر في نمو
مستمر، وليس العكس)[2]..
وبذلك، وبعد اطلاع هواه