ومثله قوله عن
قصة مريم عليها السلام: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا
كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ
وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: 44]
أو قوله تعقيبا
على ما حصل لقوم لوط عليه السلام: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136)
وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا
تَعْقِلُونَ} [الصافات: 136 - 138]
ولا يعقل أن
يكون كل ذلك مجرد أمثال فنية لا علاقة لها بالواقع، ولا بالتاريخ، والمشكلة التي
جعلت التنويريين يقعون في هذا التكلف هو تصورهم أن العلم البشري قد أحاط بكل شيء،
وأنه ما دام لم تسجل أسماء عاد وثمود، أو ما ذكره القرآن الكريم من أسماء وحقائق،
فإن ذلك يعني عدم وجودها، وهو وهم كبير، فما نجهله من التاريخ أكبر بكثير مما
نعلمه.. وحتى ما نعلمه منه؛ فإن الكثير منه مبني على الظنون أكثر من كونه مبنيا
على الحقائق، والمؤرخون أنفسهم يذكرون هذا، ويقررونه، ولا يزعمون لأنفسهم أنهم
يحيطون بالحقائق من جميع جهاتها.
هذا ما ذكره
التنويريون القدامى، والذين تأثروا بالمستشرقين في الاعتماد على التشكيك في كل
شيء، حتى في الحقائق الواضحة، أما التنويريون المحدثون؛ فقد راحوا يستعملونه ما
تلقنوه من مناهج غربية بغية الالتفاف على النبوة، وتفريغها من
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 73