نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 154
و بسبب هذا الاتحاد بين أحكام العقل
وأحكام الشرع، فإن تمجيد العقل تمجيد للشرع، وإعماله أعمال للشرع، ونبذه نبذ للشرع،
لأن كليهما من وضع الله تعالى.
أما ذم الصوفية له فيرد الغزالي سببه إلى أن الناس نقلوا اسم العقل إلى المجادلة
والمناظرة بالمناقضات والإلزامات، فاستخدموا العقل في غير ما خلق له،فكان ذم الصوفية
منصبا على الاستخدام السيئ لا على المحل، فإن (نور البصيرة [العقل] التي بها يعرف الله
تعالى، ويعرف صدق رسله، فكيف يتصور ذمه؟، وقد أثنى الله تعالى عليه؛ وإن ذم فما الذي
بعده يحمد؟)[1]
وللتوفيق بين توجهه الصوفي الذي يقول بالكشف، ويرى أن العلوم الوهبية لا تحتاج
إلى استدلال، وبالتالي تستغني عن أحكام العقل، أو تخالفه، فإنه يختار من جملة تعاريف
العقل الكثيرة التي يرددها أنه (الوصف الذي يفارق الإنسان به سائر البهائم، وهو الذي
استعد به لقبول العلوم النظرية وتدبير الصناعات الخفية)[2]
وهو يشبهه بالعين من حيث كونها ذات هيئات وصفات بها استعدت للرؤية،
فنسبة هذا المحل إلى العلوم كنسبة العين إلى الرؤية.
وهذا التوفيق يطبقه على جميع ما يتحدث
عنه الفلاسفة أو الصوفية من لطائف، كالقلب والروح والنفس، فهي عنده ألفاظ مختلفة لمعنى
واحد، هو تلك الغريزة أو اللطيفة التي تعرف بها حقائق الأشياء، يقول الغزالي: (ولأجل
اختلاف الأسماء ظن البعض اختلاف المسميات، وأكثر الأغاليط منشؤها الجهل بمعاني هذه
الأسامي، واشتراكها بين مسميات