نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 312
الحديث فيها تأييدا أو معارضة، وقد قال معبرا عن نفسه: (ثم إني ابتدأت، بعد الفراغ من علم الكلام، بعلم الفلسفة وعلمت يقيناً، أنه لا يقف على فساد نوع من العلوم، من لا يقف على منتهى ذلك العلم، حتى يساوي أعلمهم في أصل ذلك العلم، ثم يزيد عليه ويجاوز درجته، فيطلع على ما لم يطلع عليه صاحب العلم من غور وغائله، وإذا ذاك يمكن أن يكون ما يدعيه من فساده حقّاً)[501]
هذا هو المنطلق الذي ينطلق منه كل من يريد أن يناقش قضية، فلا يمكن أن يناقشها وهو يجهل جميع أبعادها، يستوي في هذا التصوف والفلسفة واي شيء آخر، وهذا للأسف ما لم تفعله الجمعية في مناقشاتها، فهي تتحدث عن (شيخ الحلول) من غير أن تشرح للمجتمع مرادها بهذا وأدلتها عليها وكلام المخالف عنه.
ثم يذكر الغزالي الجهد الذي بذله في فهم الفلسفة، وهو جهدان تحصيلي وتأملي، فقال: (فأطلعني الله سبحانه وتعالى بمجرد المطالعة في هذه الأوقات المختلسة، على منتهى علومهم في أقل من سنتين. ثم لم أزل أواظب على التفكر فيه بعد فهمه قريباً من سنة، أعاوده وأردده وأتفقد غوائله وأغواره، حتى اطَّلعت على ما فيه من خداع وتلبيس، وتحقيق وتخييل، اطلاعاً لم أشك فيه) [502]
ثم ذكر بعد ذلك النتيجة التي وصل إليها، وهي تصنيف الفلسفة إلى ما يمكن اعتباره وقبوله، وإلى ما ينبغي رفضه وطرحه، ثم لم يناقشهم بعد ذلك إلا فيما ينبغي طرحه.
هذا هو المنهج الذي رسمه الغزالي، وعلى خطاه، بل قبله كان العلماء يناقش بعضهم بعضا، بل إنهم في مناقشاتهم يذكرون ما يقوله المخالف حرفا حرفا، ثم يردون عليه حرفا حرفا.