نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 313
ولكن الجمعية – للأسف – لم تفعل هذا لأنها انطلقت - مثلما ذكرنا في الخاصية السابقة – من الخوف من تسرب أي شبهة للقارئ إن هي ذكرت أدلة الصوفية، وخاصة ما يذكره الصوفية من العلماء الذين تتبناهم الجمعية، بل تعتبرهم مشايخ لها كابن تيمية وابن القيم والشاطبي ومحمد عبده وغيرهم كما سنرى.
وسنذكر هنا بعض الأمثلة على هذه الانتقائية التي كانت الجمعية تمارسها لتمرر ما تريد تمريره فقط.
فقد ورد في بعض فتاوى الجمعية جواز اعتبار الأعراف في الإعلان بالبوق على موعد الاجتماع، باعتباره كان عرفا في منطقة الزواوة، وقد أقرته الجمعية وعبرت عن إقراره لذلك بقولها: (فالشارع أحال في الأمور التي تتغير مصلحتها وتتبدل بتغير الأزمان والأماكن والأحوال على العرف، وذلك لكون عرف الناس العام أو الغالب يحقق المصلحة المرجوة من هذه الأحكام)[503]
وهذا الموقف عجيب جدا في جانب موقفها من الأذكار الجماعية التي كان يمارسها الصوفية في بعض المناطق كإعلان عن الوفاة أو نحوها، فقد اعتبروا هذا من أخطر أنواع البدع وأنكروه كما سنرى في الباب الرابع.
ونحسب على فتاواهم تلك أنه لو كان العرف في الزواوة الإعلان بالذكر بدل البوق لاعتبروه بدعة وأفتوا بتحريمه، بل هذا حقيقة ما كانوا يعتقدونه، وقد ذكر الشيخ ابن عليوة كيف أنكر الإصلاحيون على أعراف جزائرية مرتبطة بالذكر، فقال – مخاطبا من زاره من بعض علماء الجمعية-: (و بمناسبة ما دار بيننا من الحديث، في تلك السويعات التي رأيتكم فيها موغر الصدر على إخوانكم العلاويين، حسبما لاح لي في ذلك الحين، لا لذنب ارتكبوه