نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 361
ولهذا فإن أول ما يفعله شيوخ الطرق الصوفية – كما رأينا عند ذكر الخلوة- هو إخراج المريد من رؤية
الأكوان، لأنه لا يمكن أن تجتمع الرؤيتان: رؤية الله التي هي مطلوب العارف، ورؤية
الكون الذي هو حجابه.
والكون الحجاب – كما يرى الصوفية – هو الكون القائم بذاته، أو الذي يستمد
وجوده من ذاته، كما يستمد تدبيره من ذاته، وهذا الكون لا حقيقة وجودية له،
وبالتالي فإن أول ما يفعله الصوفي هو خلع لباس هذا الكون، أو خلع الشعور به، أو
إعدامه، وهذا الإعدام يعبرون عنه بالفناء[1] عن رؤية الأكوان، ويعرفونه بأنه (
اضمحلال ما دون الحق)، فيضمحل عن القلب والشهود.
قال الغزالي عند ذكره لمراتب السالكين في التوحيد:(
الرابعة أن لا يرى في الوجود إِلا واحداً، وهي مشاهدة الصديقين، وتسميه الصوفية
الفناء في التوحيد؛ لأنه من حيث لا يرى إِلا واحداً، فلا يرى نفسه أيضاً، وإذا لم
ير نفسه لكونه مستغرقاً في التوحيد، كان فانياً عن نفسه في توحيده، بمعنى أنه فني
عن رؤية نفسه والخلق)[2]
وقد ذكر الشيخ ابن عليوة في خطابه للمعترضين على الصوفية من