نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 164
قال ابن الراوندي: لقد حصل ذلك لي مرة.
قال الراوندي: ولهذا.. فإن فرض التسلسل منقوض بالحس والمشاهدة.. ذلك أننا جميعا نعلم أن هناك مخلوقات نوعية انقرضت وانتهت، فلو صح بأن الموجودات تتسلسل إلى ما نهاية بأن يكون كل حلقة فيها معلولا بما قبلها وعلة لما بعدها.. فلماذا انقرضت هذه الموجودات؟.. إذ كيف تنقرض وهي علة لما بعدها؟.. وهذا إخلال بنظام التسلسل المزعوم.
قال ابن الراوندي: فأنا أرجع إلى أن العالم حادث.. وله علة أثرت في إيجاده.. ولكن هذه العلة لا تتمثل في أكثر من التفاعل الذاتي المتدرج، كتفاعل العناصر الأولية للحياة كالكربون والهيدروجين والأوكسجين التي تلاقت ونتج عنها مركبات عضوية لا حصر لها؟
قال الراوندي: إن هذا يستلزم القول بالدور.. وهو من البديهيات التي تنكرها العقول..
قال ابن الراوندي: الدور!؟.. ما الدور!؟
قال الراوندي: الدور هو أن يتوقف الشيء في وجوده المطلق أو تكييف معين له على شيء آخر إلا أن هذا الشيء متوقف في ذلك الوجود أو التكييف، وفي نفس الوقت على ذلك الشيء الأول.
مثال ذلك ما لو قلنا: إن وجود البيض متوقف على وجود الدجاج، ثم نقول: إن الدجاج وجد قبل البيض، وفرضنا أن لا وسيلة إلى وجود هذا ولا ذاك إلا عن هذا الطريق، فإن من البديهي أن كلا الأمرين يظلان معدومين حتى يأتي مؤثر خارجي يفك هذا الطوق.
قال ابن الراوندي: عرفت إلى الآن ثلاث حقائق بديهية.. فما الرابعة.. أم أنك نسيتها؟
قال الراوندي: لا.. كيف أنساها.. وهي في عقلي وعقلك وعقول كل الناس..
قال ابن الراوندي: من حقك أن تفرض وجودها في عقلك.. ولكن ليس من حقك أن تفرض وجودها في عقلي.. عقلي هو بيتي ولا يعرف ما في البيت إلا أهله.
قال الراوندي: من السهل علي أن أدرك وجود هذه الحقيقة فيه؟
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 164