نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 163
تحدثه العلة الكافية لم يكن موجودا، فلا بد إذا من تصور العدم سابقا لحدوث العالم.. فهل تصور إيجاده بعد العدم يوجب تناقضا عقليا؟
كلا..بل إن التناقض العقلي إنما يكون إذا تصورنا عدم سبق العدم لوجود العالم.
نعم يعجز الخيال البشري عن تصور ذلك.. ولكن ما قيمة هذا العجز أمام البرهان القاطع؟
ألا تؤمن بالحقائق الرياضية، وتجد اليقين في نتائجها الصحيحة؟
ألست تعرف كثيرا من الحقائق الرياضية التي تستند إلى أوليات بديهية عقلية تكون في أول الأمر خافية عليك ولا تظهر لك إلا بالتأمل والاستنتاج والبرهنة.
إن عقولنا في مجال الأعداد الكبيرة تكل عن تصور حقائق واضحة لا تحتاج إلا لتأمل قليل وحساب بسيط من نوع الجمع، ويكون كلالها غريبا جدا حتى تمارى في النتيجة ولو أخبرها بها أصدق الناس وأعلمهم.
سأضرب لك مثالا على ذلك.. أنا أعلم حبك لأحجية الورقة المقطعة.. ولذلك سأستثمر هذا المثل لأقنعك بهذا.
لو أعطيت ورقة رقيقة بالغة الرقة سمكها جزء من مائة جزء من الميليمتر، وطلب منك أن تقطعها نصفين، ثم تقطع النصفين ثانية ليصبحا أربعة، ثم تقطع الأربعة لتصبح ثمانية، وهكذا إلى أن تكرر القطع والتضعيف (ثمان وأربعين) مرة، ثم سئلت: قبل أن تبدأ بالقطع وقبل أن تحسب.. كم تتوقع أن تصبح سماكة هذه الأوراق الرقيقة بعد قطعها (ثمان وأربعين) مرة؟
قال ابن الراوندي: أنا أعلم جواب هذه الأحجية.. إذا كررت القطع إلى المرة الـ(ثمان وأربعين)، ثم جعلت الأوراق المقطعة ركاما مرصوصا صاعدا في السماء، فإنه يلمس أو يكاد يلمس القمر الذي يبعد عن الأرض (384) ألف كيلومتر.
قال الراوندي: إن العقل هو الذي استنتج هذا.. ولكن اذهب إلى أي عامي وأخبره بهذا، فإنه سيمتلئ منك ضحكا وسخرية.
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 163