نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 290
إلى الوجود الذي يفيض عليها من قبل الإله، فيدفعها هذا الشوق إلى الوجود، ثم يدفعها من النقص إلى الكمال المستطاع في حدودها، فتتحرك وتعمل بما فيها من الشوق والقابلية ولا يقال عنها: إنها من خلقة الله إلا أن تكون الخلقة على هذا الاعتبار.
ولهذا، فقد كنت أعتقد أن الله يعقل ذاته ولا يعقل ما دونها، ويتنزه عن الإرادة لأن الإرادة طلب في رأيه، والله كمال لا يطلب شيئا غير ذاته، ويجل عن علم الكليات والجزئيات، لأنه يحسبها من علم العقول البشرية، ولا يعني بالخلق رحمة ولا قسوة.. لأن الخلق أحرى أن يطلب الكمال بالسعي إليه.
قلنا: فهذه هي العقيدة التي تريد أن تلقننا إياها؟
قال: لا.. لا.. لقد ذكرت لكم أن هذه هي بداية حياتي.. أو هي بداية مراحل تفكيري.
قلنا: ولكن هذه هي نهاية أفكار أرسطو.. ألم تكتف بما انتهى إليه؟
قال: لقد كنت مكتفيا.. بل كنت مغرورا في اكتفائي إلى أن التقيت برجل حطم ما بنيته أو ما بناه لي أرسطو.. لقد كان رجلا عظيما.. ولكن صحبتي له للأسف كانت كالبرق الذي يضيء، ثم سرعان ما يختفي.
وما ندمت عليه هو أنني بغروري وأحلامي انصرفت عنه، واتبعت تلك التقسيمات والتصنيفات التي لم تغن عني شيئا.
قلنا: إن ما تقوله خطير.. لكأنك تتهم أرسطو نفسه بالعجز.
قال: أجل.. أنا أتهمه كما أتهم عقلي.. فالرب العظيم أعظم من أن نتصرف في كمالاته بعقولنا.. لقد رحت كما راح سميي أرسطو نفرض على الإله قيودا كثيرة.. لقد رحنا نحد من صلاحياته في هذا الوجود.
قلنا: ولكنك ذكرت أنك كنت تعتقد في إلهك الكمال المطلق.
ضحك بصوت عال، وقال: أجل.. ولكنه كان أقرب إلى العدم المطلق منه إلى الكمال
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 290