فهذه النصوص المقدسة تدل على أن الله عليمُ بما كان وما هو كائن وما سيكونُ، لم يَزَل عالِما، ولا يَزال عالما بما كان وما يكون، ولا يخفى عليه خافية في الأَرض ولا في السماء، أَحاط عِلمُه بجميع الأَشياء ظاهرها وباطِنِها، دقِيقها وجليلها.. فهو يعلم الأشياء قبل كونها.. بل كل أمور الغيب قدرها الله في الأزل، ومفتاحها عنده وحده ولم يزل.
أما علمنا.. فهو محدود جدا.. وحق له أن لا يكون إلا كذلك.. فنحن لا نملك من القدرات والأدوات إلا ما يجعل علمنا بهذه الصفة:
فقدرتنا الحسية محدودة جدا.. فنحن نستطيع إدراك قسم صغير من موجودات عالمنا الحسي فقط، كما أن قدرتنا على التحليل العقلي أيضا ليست قادرة إلا على إدراك قسم صغير من المسائل العقلية.
وعمرنا بالنسبة إلى عمر عالم الوجود كساعة واحدة.. بل كدقائق معدودة لا أكثر.
والكرة الأرضية التي نعيش عليها صغيرة ومحدودة جدا بالمقارنة مع كواكب المجرات التي لا تعد ولاتحصى.. فالعلماء يقدرون عدد النجوم الموجودة في مجرتنا فقط بمئة ألف مليون، وقد بلغ عدد المجرات التي اكتشفها البشر بهذه الأجهزة الحقيرة لحد الآن ألف مليون مجرة.. ولهذا قال تعالى:P وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) O (لقمان)
قال فيثاغورث: لقد ذكرت أن الله يعلم كل شيء، وذلك يستدعي أن يعلم ذاته.. ويعلم غيره.. ويعلم الكليات.. ويعلم الجزئيات[154].