نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 354
قال شنْكَراجاريا: أجل.. ونحن الفلاسفة أعرف الناس بها، وأكثر الناس استعمالا لها.
قال الباقر: ولهذا، فأنتم أدرى الناس بأن العقل أولى بأن يسمى نورا من العين الظاهرة.
قال شنْكَراجاريا: أجل.. فالعقل منزه عن النقائص التي تقع فيها الحواس.. فالعين لا تبصر نفسها، بينما العقل يدرك غيره ويدرك صفات نفسه، إذ يدرك نفسه عالما وقادرا، ويدرك علم نفسه ويدرك علمه بعلم نفسه وعلمه بعلمه بعلم نفسه إلى غير نهاية.
والعين لا تبصر ما بعد منها ولا ما قرب منها قربا مفرطا بينما العقل يستوي عنده القريب والبعيد.. فهو يعرج في تطريفه إلى أعلى السموات رقيا، وينزل في لحظة إلى تخوم الأرضين هربا.. بل إذا حقت الحقائق يكشف أنه منزه عن أن تحوم بجنبات قدسه معاني القرب والبعد الذي يفرض بين الأجسام.
والعين لا تدرك ما وراء الحجب، بينما يتصرف العقل فيما وراء حجب السموات، وفي الملأ الأعلى كتصرفه في عالمه الخاص ومملكته القريبة التي هي بدنه الخاص.. بل الحقائق كلها لا تحتجب عن العقل.
والعين تدرك من الأشياء ظاهرها وسطحها الأعلى دون باطنها؛ بل قوالبها وصورها دون حقائقها بينما العقل يتغلغل إلى بواطن الأشياء وأسرارها ويدرك حقائقها وأرواحها، ويستنبط سببها وعلتها وغايتها وحكمتها، وأنها من خلق، وكيف خلق، ولم خلق، ومن كم معنى جمع وركب، وعلى أي مرتبة في الوجود نزل، وما نسبته إلى خالقها وما نسبتها إلى سائر مخلوقاته.. وهكذا.
والعين تبصر بعض الموجودات، وتقصر عن جميع المعقولات وعن كثير من المحسوسات، إذ لا تدرك الأصوات والروائح والطعوم والحرارة والبرودة وغيرها، ولا تدرك الصفات الباطنة النفسانية كالفرح والسرور والغم والحزن والألم واللذة والعشق والقدرة والإرادة والعلم إلى غير ذلك من موجودات لا تحصى ولا تعد.. بينما يطوف العقل في جميع
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 354