قال: لقد وجدت أنه كلما تضاءل اهتمام المسلمين بكتابهم من
الناحية التنفيذية لتعاليمه، كلما اشتد حرصهم عليه من ناحية المحافظة على حروفه
وكلماته.. وكأنهم يقولون في نفوسهم: نعم نحن قصرنا في كتابنا.. ولكن مع ذلك لن
نحرم الأجيال التالية بركات هذا الكتاب.
طبق هذه القاعدة على عصرنا.. فسترى العجب العجاب..
إنك ترى القرآن الآن في كل مكان.. في كل منزل ومكتب
وسيارة.. حتى غير المسلم يحافظ على القرآن ويحمله..
قلت: لقد ذكرتني برجل من أهل بلدي من ألمانيا يفكر في أن
يكتب القرآن في صفحة واحدة..بشكل جميل.
قال: ولكنه لم يفكر في أن يفعل ذلك مع الكتب الأخرى.. إن
هناك شيئا عجيبا في هذا الكتاب يجعل دولة كاليابان وإيطاليا تتفننان في طباعة
المصحف بشكل جميل أنيق.
إن القرآن يقرأ الآن في كثير من محطات العالم التلفزيونية
والإذاعية، وهو يترجم لكل اللغات، وهو يوضع في أجمل البرامج وأحلى الحلل.. ولا
يكاد يوجد في الدنيا من يجهله.
أما سر ذلك.. فإني لا أجهله.. إنه لولا أن الله أراد ان
يحفظ كلامه ما قيض له كل هذه الجيوش المجيشة لتحميه.
لقد رأى الله تقصير عباده في حفظ كلامه.. فتولى حفظه
بنفسه.
^^^
ما وصلنا إلى هذا الموضع من حديثنا حتى دخل رجل المكتبة،
كان يشبهه تماما، بحيث يستحيل التفريق بينهما.
لما رآه صاحبي أعاد الكتاب الذي كان يحمله إلى مكانه، وقد
بدا عليه بعض الوجل، قلت: