فالصمت ـ بهذا الاعتبار ـ كان تكريما لزكريا، وليس عقوبة
من الملاك كما ينص الإنجيل.
قلت: ولكن المفسرين ينصون على ما نص عليه كتابنا.
قال: دعك منهم.. فلئن حرف الكتبة الكذبة كتبنا.. فإن كثيرا
من مفسري المسلمين هم الذين حرفوا كتابهم.
قلت: فقد وقع التحريف إذن في كلا الكتابين.
قال: مع فرق عظيم.. تحريفنا لا يمكن تقويمه.. فالنسخة
الأصلية ضاعت.
أما تحريفهم.. فيمكن تقويمه لأن القرآن يقرأ في كل مكان،
وبنفس الحروف التي كان يقرؤه بها محمد.
سكت قليلا، ثم قال: هذا الخلاف الأول.. هناك خلاف آخر
مهم.. هو أن النص الإنجيلى يحدد مدة الصمت بخروج زكريا من الهيكل إلى يوم ولد
يحيى، بينما ينص القرآن على أن مدة صمته لم تتعد ثلاثة أيام بلياليهن بعد الخروج
من المحراب.
والنص القرآني بهذا أكثر معقولية من النص الإنجيلي.. فكيف يبقى
نبي صامتا لا يطيق الكلام كل هذه المدة.
بعد أن أنهى مقارناته بين كلا المشهدين، قلت: ولكن لم لم
يذكر القرآن قصصا أخرى بدل هذه القصص، فينفي عنه كل شبهة.. إنه حينها يصبح كتابا
مختلفا تماما.
قال: أنت وقومي وقومك نطبق على القرآن ما نطبقه على القصاص
والروائيين ومنتجي الأفلام.. نريد منهم إبداعا لا تربية.
سكت قليلا، ثم قال: إن القرآن في هذا المجال بين أمرين لا
ثالث لهما.. هكذا يقول المنطق العقلي الذي نتشبث به:
هو بين أن يأتي بقصص يعرفها الناس، ويعرفون تواريخها،
والمحال التي حصلت فيها،