قال: أصدقك القول.. فمع أني مسيحي.. بل من عائلة عريقة في
تدينها بالمسيحية.. بل من عائلة كان الكثير من أفرادها رجال دين.. إلا أنه لم يحظ
كتاب من الكتب بالأهمية عندي كما حظي كتاب المسلمين المقدس.. إني أقرؤه ولا أمل من
قراءته.
قلت: لم؟
قال: لست أدري.. كأني أجده يخاطبني.. يعرفني بالعالم الذي
جئت منه.. والذي نسيته، ولم تبق لي منه إلا ذكريات نسيتها..
قلت: وكتابنا المقدس بعهديه.. أتراك هجرته؟
قال: لا.. ولكني كلما مددت يدي لأقرأ ما فيه كلما وجدتني
أعود لأحمل كتاب المسلمين لقراءته من جديد.
قلت: لعلك مغرم بالأدب.. فأنت تحب جمال أسلوبه.
قال: ليس هذا فقط.. لقد تعاملت مع نفسي كما أتعامل مع
الأجنبي.. ورحت أحلل أسرار انجذابي للقرآن وثقتي فيه.. والتي تربو على ثقتي في
كتابنا المقدس.
قلت: فما وجدت من هذه الدراسة التحليلية؟
قال: أشياء كثيرة جدا لا يمكنني أن أفصل لك ذكرها هنا..
ولكني من خلال اهتمامي بالأسانيد عرفت أن القرآن هو الكتاب الوحيد المحفوظ حفظا
صحيحا من بين جميع الكتب المقدسة.. وقد كان ذلك مثار عجب عندي..
لقد ظللت أقول لنفسي: لو كان هذا الكتاب كاذبا على الله،
فهل يأذن الله بحفظه بهذه الصورة العجيبة.. لكأن الكون كله خرسانة مسلحة حمي بها
هذا الكتاب.. فلم يجرؤ جميع اللصوص على الاقتراب منه.
قلت: كيف عرفت ذلك؟.. إن البحث في هذا ليس بالسهولة التي
تتصورها.