لعل العناية الإلهية التي وعدت بحفظه جعلته بمنأى عن كل ما
لحق بكتبنا من تحريفات..
أخذ مصحفا، وفتحه على مواضع محددة، وقال: اسمع.. إن إله
المسلمين يعد بحفظ كتابه وعدا جازما، وهو ما تخلو منه كتبنا.. اسمع إليه، وهو
يقول:{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ} (الحجر:9)
بل هو يخبر بأن هذا الكتاب الذي أحمله لن يزاحمه أي باطل
قدسيته، اسمع إليه:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ
وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا
مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}(فصلت:41 ـ 42)
بل هو يخبر أن مهمة جمعه تعود إليه، فيقول:{ لا تُحَرِّكْ بِهِ
لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} (القيامة: 17)
إن هذه الآيات وحدها تحمل إعجازا عظيما.. إنها تتحدى كل
تلك الجيوش التي جيشت لتحريف هذا الكتاب أو تبديله أو محوه.
قلت: إن استنتاجك هذا يستدعي أدلة كثيرة..
قال: سأذكرها لك.. ولكن قبل أن نتحدث عن ذلك.. أو لنفهم
ذلك.. فلنرجع إلى كتابنا المقدس الذي دنسته أيادي المحرفين.
لقد ذكرت لك أن كتاب المسلمين يحوي الوعد بحفظه، وأنه لن
يصيبه سوء..
قلت: أجل.. لقد قرأت لي منه ما يدل على ذلك.
قال: وهذا ما تخلو منه كتبنا المقدسة.. فهي لا تحوي أي
دلالة على أنها ستحفظ من التغيير والتبديل.. بل قد نص كتاب المسلمين على أن مهمة
حفظ هذه الكتب كانت موكولة إلى رجال