ما زادتها إلا جمالا.. بل ما زادت معناها إلا رسوخا
وثبوتا وتحقيقا:
فالأولى والثانية: سجلتا حكماً عامًّا على منكرى البعث،
وهو كفرهم بربهم، وكون الأغلال فى أعناقهم.
وأما الثالثة: فهي بيان لمصيرهم المهين ودخولهم النار
ومصاحبتهم لها على وجه الخلود الذى لا يعقبه خروج منها.
ولو أسقطت(أَولئك) من الموضعين الثانى والثالث لرك المعنى
واضطرب، بل تصبح الواو الداخلة على { الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ) واو حال،
وتصبح الواو الداخلة على { أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } عاطفة
عطفاً يرك معه المعنى.
لذلك حسن موضع التكرار فى الآية لما فيه من صحة المعنى
وتقويته، وتأكيد النسبة فى المواضع الثلاثة للتسجيل عليهم بسوء المصير.
قلت: ليس الشأن في كل ذلك.. أنا أعلم ضرورة استعمال بعض
الألفاظ، ولا يؤذي تكرارها، بل هي في الكلام من جوهره ولبه.
قال: أراك تحوم حول الفواصل القرآنية إذن.
قلت: أجل..
قال: إن الفواصل القرآنية حقائق كبرى، وهي نتائج لما ورد
في الآيات أو أسباب لها.. ولا يضر تكرارها..
وسأضرب لك مثالا بالفاصلة المعروفة (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ).. هذه الفاصلة، وما هو مثلها أو قريب منها تكرر كثيرا في القرآن.. ولكنه
في جميع المواضع التي تكرر فيها دل على معنى خاص مرتبط بذلك الموضع.
إنه مثل الأحكام القضائية، فقد يكرر القاضي حكما واحدا
مرات كثيرة في الجلسة الواحدة، ولكنه في كل مرة يكون حكمه مرتبطا بحالة خاصة.