سأقرأ عليك بعض الآيات التي وردت فيها هذه الفاصلة لتدرك العلاقة
بين هذا المثل و ما توهمته من تكرار في القرآن.. اسمع:{ إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ
لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173)، هذه الآية تحكم برفع الإثم عن
المضطر، وتعلل ذلك بكون الله غفورا رحيما، وهي بذلك تنبئ عن حكم سلوكي، ثم تبين
مصدره العقدي.
ومنها { فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ
بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:182)،
فقد ارتبطت هذه الفاصلة في هذا الموضع برفع الإثم.
ومنها:{ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(البقرة:192)، فقد ارتبطت هذه الفاصلة بانتهائهم.
ومنها:{ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ
وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:199) فقد ارتبطت
هذه الفاصلة باستغفارهم.
ومنها:{ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(البقرة:226) فقد ارتبطت هذه الفاصلة بفيئهم ورجوعهم إلى أزواجهم.
ومنها:{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ
وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:89)، فقد ارتبطت هذه
الفاصلة بتوبتهم وإصلاحهم.
ومنها:{ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ
لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(المائدة: 3)، فقد ارتبطت هذه الفاصلة
بحال المضطر الذي لم يقصد الإثم.
وهكذا نجد هذه الفاصلة كالحكم، أو التعليل للحكم.. زيادة
على ما تبثه في النفس من معاني إيمانية.. فالمعاني الإيمانية العميقة تستدعي أن
تقرر في النفس بإكثار ذكرها والتنبيه إليها.
قلت: ولكن هناك فواصل أخرى.. هي آيات قائمة بذاتها.. ومع
ذلك تكررت مرارا، وفي مواضع قريبة.. بحيث لا تكاد ترى الفاصل بينها.
قال: تقصد ما ورد في سورة الرحمن القمر المرسلات من تكرار آيات
معينة.