في اليوم الخامس.. أرسل إلي أخي يطلبني في أمر مهم، فذهبت
إليه، فقال: سيأتيك اليوم رجل من حكماء الإسكندرية.. لكأنه وريث فلاسفتها.. هو
مسيحي مثلنا تماما، ولكنه صاحب عقل حجب به عن المسيح، وعن الكتاب المقدس.. فلذلك
ترى له من الهرطقات ما لا نرتضيه.
قلت: أتريد مني أن أجادله، أو أناقشه لأقنعه؟
قال: لا هذا ولا ذاك.. دعه يتحدث كما يشاء.. لا تجادله،
ولا تناقشه، بل إن استطعت أن توفر له ما يدعوه ليفرغ كل ما في عقله من هرطقات
فافعل.
قلت: لم خصصت هذا الرجل دون غيره بهذه المعاملة؟
قال: هذا الرجل فيه صفتان.. إن نفرتنا الأولى عنه، فإن
الثانية تقربنا منه.
قلت: عرفت الأولى.. فما الثانية؟
قال: هو صاحب مال كثير.. وهو وإن تناولنا بلسانه، فإنه
يناولنا بيده ما يغطي جرائم لسانه.. إن كثيرا من طبعات الكتاب المقدس تتم تحت
نفقته.. وهو يوزعها بعد ذلك بالمجان.. بل ييسر لنا توزيعها.. إذ يخص بها طبقات
مهمة في المجتمع قلما نصل نحن إليها، هي طبقات المتعلمين والجامعيين.
قلت: فليكن ما تريد.. متى يحضر هذا الرجل السخي العاقل؟
قال: بل قل: السخي الهرطقي.. سيحضر اليوم.. وستستقبله في
مكتبك.
قلت: ولم لا تستقبله أنت؟
قال: أنت تعرف قلة صبري أمام كل ما يمس المسيح ودين
المسيح.
قلت: أجل.. فاترك ذلك لي.
لست أدري كيف شعرت بلذة عظيمة، وأنا أستعد لأسمع من كلام
العقل والحكمة ما ينير لي