وهو لا يكتفي بذلك، بل يضم إليها التعريف بآحاد الأخلاق،
وتبيين كيفية تحصيلها.
لقد قرأت القرآن من أوله إلى آخره، وأعدت قراءته مرات
عديدة، فلم أجد فيه إلا تعليم الكمال الخلقي، بل تمرين النفس عليه.
لست أدري كيف قلت له من غير أن أشعر: حدثني عن الأخلاق في
القرآن كما حدثتني عن الإيمان في القرآن.
قال: أول ما يشدك في القرآن من تعظيمه للخلق هو ما ورد فيه
من الثناء على محمد بحسن الخلق.. إنك تجد فيه هذه الآية العظيمة التي تجعل من كل
قلب متلهفا لتحصيل معناها:{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ( (القلم:4)
ولهذا صار مقياس الكمال عند المسلمين هو حسن الخلق..
فنبيهم يقول لهم:( خياركم أحاسنكم أخلاقا )[1]، ويقول لهم:( إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا،
وخياركم خياركم لنسائهم )[2]، ويقول لهم:( إن من
أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وإن من أبغضكم إلي
وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون ) قالوا:( يا رسول الله
قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ) قال:( المتكبرون )[3]
ويجعل الدرجات العليا والأجور العظيمة من نصيب من حسن
خلقه، فيقول:( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله
تعالى ليبغض الفاحش البذيء )[4]، ويقول:( أنا زعيم ببيت
في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن