وقد
قرأت فيما توصل إليه علم التاريخ وما دلت عليه الحفريات الحديثة من أخبار ذي
القرنين أدق الكلام وأدق الأخبار ما لم يكن يعرفه جميع مفسري القرآن فيما مضى من
الزمان. وأن الذي اكتشفه المؤرخون والآثاريون وما توصلوا إليه في هذا القرن منطبق
على ما جاء في القرآن الكريم كلمة كلمة ولم يكن ذلك معلوماً قبل هذا القرن.
وقرأت
في اختيار التعبير القرآني لبعض الكلمات التاريخية كـ (العزيز) في قصة يوسف،
وكاختيار تعبير (الملك) في القصة نفسها، واختيار كلمة (فرعون) في قصة موسى، فعرفت
أن هذه ترجمات دقيقة لما كان يُستعمل في تلك الأزمان السحيقة فـ (العزيز) أدق
ترجمة لمن يقوم بذلك المنصب في حينه، وأن المصريين القدامى كانوا يفرقون بين
الملوك الذين يحكمونهم فيما إذا كانوا مصريين أو غير مصريين، فالملك غير المصري
الأصل كانوا يسمونه (الملك)، والمصري الأصل يسمونه (فرعون)، وأن الذي كان يحكم مصر
في زمن يوسف غير مصري، وهو من الهكسوس فسماه (الملك)، وأن الذي كان يحكمها في زمن
موسى هو مصري فسماه (فرعون)، فسمى كل واحد بما كان يُسمى في الأزمنة السحيقة.
إن
التعبير القرآني الواحد قد ترى فيه إعجازاً لغوياً جمالياً، وترى فيه في الوقت
نفسه إعجازاً علمياً، أوإعجازاً تاريخياً، أو إعجازاً نفسياً، أو إعجازاً تربوياً،
أو إعجازاً تشريعياً، أو غير ذلك.
قلت: ولكن مع ذلك.. ففي القرآن الكثير من الكلمات الغريبة، والتي تؤثر فيما ذكرته
من بلاغة القرآن [2] ..
قال: اذكر لي أمثلة لذلك.. فكل دعوى لابد لها من دليل يدل
عليها، أو مثال ينبه إليها.
[1] انظر
الأمثلة الكثيرة المثبتة لهذا في رسالة (معجزات علمية) من هذه السلسلة.
[2] هنا نرد على شبهة وجود الغريب في
القرآن الكريم، وهو ما يمنع من فهمه، وهي من الشبه المشتهرة لدى المبشرين وغيرهم.
انظر في الرد عليها (شبهات المشككين)