شيئاً، ولم تضف معنى؟ بل يمكن
الاستغناء عنها، أو إبدالها حرف توكيد، حيث تتأتى من ذلك فائدة ليست في وجود الواو
في هذا الموضع.
ثم جاء الفعل (أنزلنا).. وهو تعبير مقتبس من القرآن كسائر
الكلمات.. فلم اقتبسوه، ولم لم يقولوا قدّمنا أو كتبنا أو أرسلنا أو ألّفنا.
ثم لماذا وصفوا الفرقان بكونه حقا، مع أن الفرقان اسم معرف
بأل وهذه الـ ( أل) تفيد في أحد أمرين فإما أن يكون المتكلم والمخاطب متفقين على
المعرّف بحيث تدل هذه الـ (أل) على ما تعارفا عليه كقولك لمن وضعت عنده كتاباً (
أين الكتاب؟ ) فيناولك إياه.
أو تفيد الكمال أي تقول ( هذا الكلام ) أو ( هذا الرجل)
وتقصد الكلام الكامل كما يجب أن يكون والرجولة الكاملة كما يجب أن تكون.
والفرقان بذكره معرّفاً بأل يفيد الكمال أي كمال التفريق
بين الحق والباطل ومن هنا فلا يضيف وصفه بـ ( الحقّ ) إلى معنى الفرقان جديداً،
فتنعدم بذلك الفائدة من الصفة.
فلو قيل ( الفرقان ) دون وصفه لكان المعنى الفرقان الذي
يفرق بين الحق والباطل بشكله الكامل الذي لا نقص فيه فهو ( الحقّ )
وثمة احتمال آخر وهو أن يكون ثمة فرقان آخر، هو الباطل
وهذا الفرقان هو الحق فالصفة تفرّق بين اسمين مشتركين في اللفظ فتقول (مررت بزيد
القائم ) وهذا يقتضي وجود رجل اسمه زيد وهو غير قائم.
لكن كلمة الفرقان وحدها تكفي لتفند دعاوى من يدّعي باطلاً
بأنه فرقان، ومن يكون حقاً فرقاناً، فلو ادّعى مجموعة أشخاص بأن كلاً منهم هو حكم
أو عادل، ثم أشرت إلى رجل وقلت (هذا الحكم ) أو ( هذا العادل )، لكفاك ذلك في دحض
دعاوى غيره بأنهم الحكام أو العادلون.
قلت: دعني من مناقشة ما قالوا.. واذكر لي ما قالوا.. فلا
أحسبني جاهلا باللغة إلى درجة أن يؤثر في أي كلام.