قال: بعد تلك الآية تأتي هاتين
الآيتين:( ففضحَ مكر الشيطان الرجيم، ولو تنزّل بوحي ملك رحيم، وأبطل فرية رسله
الضالين، ولو نطقوا بما أعجز الأميين )
غلبني الضحك، فقلت: هل قال:( ولو نطقوا بما أعجز الأميين )
قال: أجل.. هل رأيت حمقه وكذبه وتحامله على القرآن.. إن
القرآن تحدى أصحاب البلاغة والفصاحة والعلم والمعرفة.
قلت: حدثني عن سورة أخرى من هذه السور العجيبة.
قال: سأذكر لك الآية الأولى من سورة الفاتحة التي استهل
بها مسيلمة الجديد فرقانه الحق.. إن هذه السورة تستدعي براعة الاستهلال ـ كما
يسميها البلاغيون، وهي تقتضي أن تحوي عبارات موجزة وإشارات دالة يستطيع القارئ
بواسطتها أن يفهم مضمون الكتاب المقدم على قراءته ـ اسمع ما قال في هذا:( هو ذا
الفرقان الحق نوحيه فبلغه للضالين من عبادنا وللناس كافة ولا تخش القوم المعتدين )
غلبني الضحك، وقلت: لماذا قال:( للضَّالين من عبادنا
وللناس كافة ).. هل الضالون من العباد لا يندرجون تحت اسم (الناس كافة )؟
زدني سورة أخرى..
قلت: سأقرأ عليك بعض سورة حملت اسم (سورة الضّالين )
ضحكت، فقال: سأقرأ عليك
الآية الأولى منها، وهي:( وألبس الشيطان الباطلَ ثوب الحقّ وأضفى على الظلم جلباب
العدل، وقال لأوليائه أنا ربكم الأحد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي منكم كفواً
أحد)
قلت: هذا كتبه حاقد..
ولم يكتبه متحد صادق.. وإلا فكيف يختار تعابير القرآن بل كلمات القرآن وأسلوب
القرآن؟
قال: أجل.. إنه لم يفعل سوى أن غير رصف كلمات القرآن لينشئ
منها ما توهمه تحديا..