فيمكن أن يغير بالزيادة والنقصان
كحالة الكتب الأخر[1].
سكت قليلا، ثم قال: لا شك أنك ترى القرآن مختلفا عن
الشعر.. لقد ذكر القرآن ذلك، فقد جاء فيه:{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ
الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ
مُبِينٌ}(يّـس:69)
ومع أن العرب كانوا يدركون أن القرآن ليس كالشعر إلا أنهم
في خصومتهم شبهوه بالشعر.. وقد جاء في القرآن حكاية عن كفار العرب:{ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ
أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ
الْأَوَّلُونَ}(الانبياء:5)
وصدق القرآن، فليس هذا النسق شعراً.. ولكن العرب كذلك لم
يكونوا مجانين ولا جاهلين بخصائص الشعر، يوم قالوا عن هذا النسق العالي: إنه شعر!
لقد راع خيالهم بما فيه من تصوير بارع، وسحر وجدانهم بما
فيه من منطق ساحر، وأخذ أسماعهم بما فيه من إيقاع جميل.. وتلك خصائص الشعر
الأساسية، إذا نحن أغفلنا القافية والتفاعيل.
على أن النسق القرآني قد جمع بين مزايا النثر والشعر
جميعاً، فقد أعفى التعبير من قيود القافية الموحدة والتفعيلات التامة، فنال بذلك
حرية التعبير الكاملة عن جميع أغراضه العامة.. وأخذ في الوقت ذاته من خصائص الشعر،
الموسيقي الداخلية، والفواصل المتقاربة في الوزن التي تغني عن التفاعيل، والتقفية
التي تغني عن القوافي[2].
النغم الفني:
قلت: فما تريد بالنغم الفني.. هل القرآن أغنية لها نغماتها
المطربة.
قال: القرآن أجمل أغنية لمن كان له سمع وذوق.. ألم ترنا
نطرب لسماع ترتيله، بل نحلق في