قال: لقد تتبعت سيرته، ثم قرأت رسائله قراءة متأنية، فاتضح
لي بعد جهد مضن صدق مقالة المسلمين فيه.
قلت: وما يقولون؟
قال: سأقرأ عليك ما يقول بعضهم فيه.
ذهب إلى كتاب في المكتبة، لم أتبينه، وقلب صفحاته إلى أن
وجد النص الذي يريد، ثم راح يقرأ:(.. إن كان بولس عند أهل التثليث في رتبة
الحواريين، لكنه غير مقبول عندنا، ولا نعده من المؤمنين الصادقين، بل من المنافقين
الكذابين، ومعلمي الزور، والرسل الخداعين، الذين ظهروا بالكثرة بعد عروج المسيح )
انتفضت غاضبا.. وقلت: أغلق هذا الكتاب أو احرقه.. هذا كتاب
هرطقات.
قال: اصبر.. ألم نتفق على البحث العلمي العقلي المجرد؟..
دعنا نسمع لهؤلاء، فقد يكون لديهم من الحقيقة ما ليس لدينا.
واصل القراءة، وواصلت الاستماع.. قال: لقد ذكر هذا الكاتب
سر موقفه من بولس، فقال:( هو خرق الدين المسيحي، وأباح كل محرم لمعتقديه، وكان في
ابتداء الأمر مؤذياً للطبقة الأولى من المسيحيين، جهراً، لكنه لما رأى أن هذا
الإيذاء الجهري لا ينفع نفعاً معتداً به، دخل على سبيل النفاق في هذه الملة وادعى
رسالة المسيح، وأظهر الزهد الظاهري. ففعل في هذا الحجاب ما فعل، وقبله أهل التثليث
لأجل زهده الظاهري، ولأجل فراغ ذمتهم عن جميع التكاليف الشرعية. كما