بل إنهم في تعاملهم مع كلام أصحابه لم يثبتوا إلا ما يتعلق
بآرائهم وأقوالهم جاعلين لأنفسهم كل الحرية في مناقشتهم والرد عليهم.
قلت: ونحن؟
قال: نحن وضعنا الكل في سلة واحدة.. ثم اعتبرنا الكل
مقدسا.. بل إنا اكتفينا بأقوال من نعتبرهم تلاميذا أو تلاميذ التلاميذ ونسينا كلام
المسيح والأنبياء.. بل نسخنا كلام المسيح والأنبياء.. فكيف نسمي هذا (كلمات مقدسة)
قلت: ولكن أليس الإلهام وحيا؟
قال: وهل أخبر المسيح أن الرسائل الشخصية لتلاميذه، أو
تلاميذ تلاميذه ستتحول وحيا إلهيا.. إن الإلهام هو أخطر خرافة أوقعتنا في المتاهة
التي لم نخرج منها.
قلت: أليس الإلهام مصدرا من مصادر الحقيقة؟
قال: لو فتحنا هذا الباب لم نخرج.. ما أسهل أن يدعي أي
مشعوذ أنه ملهم.. بل ما أسرع أن يدعي جميع من يملك نفسا مريضة أنه يوحى إليه..
أتعلم.. لقد تعرض المسلمون لهذا النوع من الناس.. بل نص
قرآن المسلمين على وجود هذا النوع من الناس، فقال:{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا
لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ
إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ
فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}(الأنعام:112)
قلت: فكيف نفرق بينهما؟
قال: وحي الشياطين ليس له إلا هدف واحد هو نسخ كلام رب
العالمين وتحريفه.. فهل ترى فرقا بين كلام المسيح وكلام التلاميذ؟
قلت: إن شئت الحقيقة، أنا أرى فروقا كثيرة بينهما.
قال: فكيف تزعمون أن الكل مقدس!؟.. المقدس معصوم محفوظ.
ثم صمت قليلا، ثم قال: ومع كل هذا.. فنسبة هذه الرسائل إلى
كاتبيها كانت محل جدل