إنه ليس الإخلاص للكتاب المقدس.. بل هو الإخلاص
للامبراطور.
انتفضت قائلا: كأني بك تريد أن تقول بأن الامبراطور هو
الذي حدد الكتب المقدسة، ونفى غيرها.
قال: أنا لا أقول ذلك.. بل التاريخ.. وحقائق التاريخ.. هي
التي تقول ذلك.. لقد قال المؤرخ ( ديورانت ) في كتابه قصة الحضارة:( وصدر مرسوم
إمبراطوري يأمر بإحراق كتب آريوس جميعها، ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب
عليها بالإعدام )
وقال آدم كلارك في المجلد السادس من تفسيره:( إن الأناجيل
الكاذبة كانت رائجة في القرون الأولى للمسيحية، وأن فايبر بسينوس جمع أكثرَ من
سبعين إنجيلاً من تلك الأناجيل وجعلها في ثلاث مجلدات )
التفت إلي، وقال: ألا تزال تنكر تأثير الامبراطور على
المجمع.
صمت، فقال: كل الحقائق التاريخية تدل على أنه كان
للامبراطور قسطنطين دور كبير في مجمع نيقية،لأنه كان يعلق أهمية كبرى في تكوين
كنيسة واحدة في إمبراطورية واحدة.
لــذلك فقــد كان ينتقي الأساقفة المنوط بـهم الإشتراك في
المجمع، وبما أنه طوال سنوات كثيرة كان هناك مقاومة ـ على أساس الكتاب المقدس ـ
للفكرة القائلة أن يسوع هو الله أو ابن الله، وفي محاولة لحل الجدال دعا قسطنطين
الإمبراطور الروماني جميع الأساقفة إلى نيقية.
ولم يكن قسطنطين مسيحيا، ولم يتم تعميده إلا في أواخر
حياته، بل لم يتعمد حتى صار على فراش الموت، وعنه يقول هنري تشادويك في كتاب
(الكنيسة الباكرة):( كان قسطنطين كأبيه يعبد الشمس التي لا تقهر واهتداؤه لا يجب
أن يفسر أنه اختبار داخلي للنعمة، لقد كان قضية عسكرية، وفهمه للعقيدة المسيحية لم
يكن قط واضحا، ولكنه كان على يقين من أن الانتصار في المعركة يكمن في هبة إله
المسيحين )