نظرت إلى صديقي الفلكي، فوجدته يبتهج، وكأنه قد سقط على ضالته، ورأيت في نفس
الوقت صديقي الجيولوجي متذمرا بعض التذمر.
لقد قال له: نعم.. يمكنك أن تفهم من هذه الآية ما قصدته.. وهو معنى صحيح..
ولكنه مع ذلك يظل معنى مستغربا وروده في قرآنكم.
علي: لم؟
الجيولوجي: لأن ما في القرآن يتنافى مع الحقائق العلمية المتعلقة بالعلوم
المكتشفة حول الأرض.. ولذلك فهو ينقل ما تعارفت عليه المجتمعات من خرافات في هذا
الشأن.
قال علي بهدوئه المعتاد: هل قرأت القرآن؟
الجيولوجي: لا أزعم لك أني قرأته جميعا.. ولكني من خلال بعض القراءات، أو
بالأحرى من خلال سماعي لبعض ما يقرأ منه عرفت أن القرآن يتنافى في هذا الجانب مع
الحقائق العلمية، وبالتالي يستحيل أن يكون كلام إله.. فالإله يفترض فيه أن يعرف
الأرض التي خلقها.
علي: أنت تقع ضحية بعض الشبهات، فلذلك اسمح لي أن أشرح لك ما أسأت فهمه، فهل
أنت مستعد لذلك.. أم أنك تود أن تظل على موقفك من القرآن؟
الجيولوجي: وما عساك ستزيد على ما قال علماء كبار لهم مكانتهم التي لا تضاهى
بين علماء المسلمين؟
علي: اسمع مني فقط.. ثم قارن بين ما تسمعه مني، وما تسمعه من غيري، ثم لك
الحرية بعد ذلك في اختيار ما تراه من أقوال.
كان الفلكي أشد شوقا من الجيولوجي لسماع كلام علي، فقال: كيف لا يسمع.. بل
كلنا ينبغي أن نسمع.. لقد سمعنا في الصباح آراء معينة قد تتناقض مع بعض ما ذهب
إليه العلم، فلنر قدرة هذا الرجل، أو قدرة ما يحمله من علم على تفنيد ذلك.