قال الأول: إن هاتين الآيتين الكريمتين هما الحكم بيننا، وبين الذين ينكرون
أن يودع الله في كتابه أسرار العلوم التي لم يفطن لها غير المتأخرين.
قال الثاني: لا أرى في الآيتين أي دلالة.. فالقرآن كتاب هداية، لا كتاب علم.
قال الأول: أنا أوافقك في الشق الأول من أن القرآن كتاب هداية.. ولا أوافقك
على الشق الثاني.. بل القرآن كتاب علم لأنه من عند الله العليم الخبير.
أجبني.. هل ورد في القرآن الكريم ذكر عدد ركعات الصلاة، أو مواقيتها، أو ما
يفعل فيها؟
قال الثاني: لم يذكر كل ذلك.. بل ذكرته السنة.
قال الأول: وهل ذكر في القرآن الكريم تفاصيل الحديث عن الرياح والأمطار
والسحب والجبال والسماء والأرض؟
قال الثاني: أجل.. لقد تحدث القرآن كثيرا عن ذلك..
قال الأول: بل القرآن يمتلئ بذلك.. القرآن يلي عناية كبرى لمخلوقات الله
لأنه كلام الله الذي ينبه عباده إلى أسرار صنعته، كما ينبه الرسام المبدع
المتفرجين على جمال لوحاته.
هزني هذا الكلام، وتذكرت ما قاله لي الرجل، فنهضت، واقتربت منهما، وقلت: هل
تأذنان لي في الجلوس إليكما؟
قال الأول: اجلس..
ثم التفت إلى صاحبه، وقال: هذا أخي وصديقي حذيفة، وأنا أخوك علي، جلسنا هنا
نتحدث عن هذا المؤتمر الذي أزمع بعض قومنا عقده.
قلت: وأنا أخوكم (....) من ألمانيا، أنا مسيحي، وقد جئت لحضور هذا المؤتمر.
حذيفة: عجبا.. ما الذي جعلهم يخصونك بالدعوة مع أن هذا الموضوع خاص بالمسلمين.