ما إن انتهى عبد القادر من حديثه
عن أخبار الفتن حتى قام بعض القوم، وقال: لقد حصل في الأمة خير كثير من فتوحات
للأرض، وتمكين في البلاد، ودخول للناس في الإسلام أفواجا، فهل أشار نبيكم إلى ذلك؟
عبد القادر: أنت تريد الحديث
إذن عن نبوءاته a عما فتح الله لدينه من قلوب في
جميع بلاد الدنيا.
الرجل: أجل.. هذا ما أريده، ولا
أرى الجمهور الحاضر إلا متشوفا لسماع مثل هذا.
عبد القادر: سأذكر لكم بعض ما
ورد في ذلك بعد استئذان حضرة القس المحترم.
أشار بولس بالإيجاب.. ولست أدري
لم.. هل كان ذلك غلبة وحياء من الجمهور الحاضر، أم كان هو نفسه، كالجمهور متشوفا
لسماع ذلك.
عبد القادر: بناء على رغبتكم
سأذكر لكم ما أخبر به a عما
سيفتح الله به على أمته من بلاد، وقبل أن أخبركم بذلك أعلمكم أنه a قال تلك النبوءات في ظروف خطيرة جدا،
كان لأعدائه من السلطان ما يقدرون به في أي لحظة على محو دينه من أساسه.
وسأذكر لكم ما يشير إلى هذا من
زمنين مر بهما كلاهما عصيب:
أما الأول.. ففي مكة المكرمة، وفي ظل
الاضطهاد الذي عاناه a
مع أتباعه، فعن
خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وهو يومئذٍ متوسد بردة في ظل الكعبة،
فقلنا: ألا تستنصر لنا الله تبارك وتعالى، أو ألا تستنصر لنا؟ فقال a: (قد كان الرجل فيمن كان قبلكم يؤخذ
فيحفر له في الأرض، فيجاء بالمنشار على رأسه فيجعل بنصفين فما يصده ذلك عن دينه،
ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب فما يصده ذلك، والله ليتمن الله عز
وجل هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى