بعضهم، ولا يعرف الآخرين، فإنه
يتوجه إلى من يعرف، ويدع الآخرين.
فعن عبد الله بن مسعود قال: قال
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (إن من أشراط الساعة أن يسلِّم
الرجل على الرجل، لا يُسلِّم عليه إلا للمعرفة)[1]
وحدث طارق بن شهاب قال: كنا عند
عبد الله بن مسعود جلوساً، فجاء آذنه فقال: قد قامت الصلاةُ، فقام وقمنا معه،
فدخلنا المسجد، فرأينا الناس ركوعاً في مقدم المسجد، فكبّر وركع ومشى، وفعلنا مثل
ما فعل، قال: فمر رجلٌ مسرع، فقال: السلام عليكم يا أبا عبد الرحمن، فقال: صدق
الله وبلّغ رسوله a،
فلما صلينا رجع، فولج أهله، وجلسنا في مكانه ننتظره حتى يخرج، فقال بعضنا لبعض:
أيكم يسأله؟ قال طارق: أنا أسأله. فسأله طارق فقال: سلَّم عليك الرجلُ فرددت عليه،
صدق الله وبلَّغ رسوله a.
فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
يقول: (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على
التجارة، وقطع الأرحام، وظهور شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وحتى يخرج الرجل
بماله إلى أطراف الأرض، فيرجع فيقول: لم أربح شيئاً، وحتى تغلو الخيل والنساء، ثم ترخص،
فلا تغلو إلى يوم القيامة)[2]
وقد حصل ما أخبر عنه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فنحن نرى هذا في عصرنا ينتشر انتشارا
عظيما، مع أن
المطلوب إفشاء السلام، كما قال a: (لا
تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه
تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)[3]
ومما يدخل في هذا الباب ما أخبر
عنه a من وقوع التناكر بين الناس، فقد
سئل
[1] رواه أحمد وابن خزيمة
والطحاوي والبزار والطبراني.
[2] رواه أحمد والبخاري في
الأدب المفرد والطحاوي بإسناد صحيح، وصححه الحاكم وأقره الذهبي.