لن أتحدث معك في هذا، فأنت تعلم منه أكثر
مما أعلم.. ولو شئت لاكتفيت به.. ولكني سأذكر لك دقة التوثيق الذي اعتمده علماء
المسلمين في نقل كل ما يتصل برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.
أولا.. لقد كان أصحاب محمد a هم الذين نقلوا لنا معجزات محمد a كما رأوها، كما أنهم هم الذين نقلوا كل
ما يتصل بمحمد a من صغير وكبير [2]..
وقد دفعهم ـ قبل ذلك كله ـ القرآن الكريم
الذي حذر من كتمان العلم:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا
مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي
الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ
اللَّاعِنُونَ(159)إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا
فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(160)﴾
(البقرة:159-160).
وحذرهم منه a، فقال: (من سئل عن علمٍ فكتمه ألجم يوم
القيامة بلجام من نار)[3]
وقد نقلوا ما نقلوه بدقة بالغة وأمانة
عالية، لأنهم يعلمون حرمة الكذب في الإسلام عامة، وحرمته بشكل أشد على الرسول a، وقد رووا عنه قوله a: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من
النار)[4]، حتى كان بعضهم يتحرج من
الرواية عنه a خشية أن يخطئ فينقل ما لم يسمع،
مما يدلنا على مدى التوثيق البالغ لسنة النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم.
قال ذلك، ثم التفت للقس، وقال: إن كتب
الحديث ومخطوطاتها لا تزال موجودة
[1] انظر: تفاصيل ذلك في رسالة (الكلمات
المقدسة) من هذه السلسلة.
[2] انظر: بينات الرسول a ومعجزاته، للشيخ عبد
المجيد الزنداني.
[3] رواه أبو داود والترمذي
وحسنه وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي ورواه الحاكم بنحوه وقال: صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[4] رواه البخاري ومسلم وغيرهما، قال
المنذري:- هذا الحديث قد روي عن غير واحد من الصحابة في الصحاح والسنن والمسانيد
وغيرها حتى بلغ مبلغ التواتر..