هنا نطق مستأجر بولس بحماقته المعهودة،
وقال: إن صح أن هناك خوارق.
لم يعره عبد القادر أي اهتمام، بل التفت
إلى السائل، وقال: أما غيرها من الخوارق، والتي كانت تجري على يد النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم كما تجري العادات، فهي من إكرامات الله
لنبيه a، أو من بركاته التي جعلها
الله له، أو من الطاقات التي وهبها الله إياها لأجل الوظيفة التي كلف بها.
الرجل:فما هذه الآية العظيمة التي هي آية
التحدي العظمى؟
عبد القادر: انشقاق القمر..
قاطعه بولس، وهو يضحك بقوة: ألا تعجبون ـ
أيها الأفاضل ـ من قوله بأن من معجزات محمد انشقاق القمر؟ فكيف يحصل هذا، والقمر
في السماء، لا في الأرض؟
عبد القادر: والله رب السماء والأرض،
فكما يقيم الخوارق لأنبيائه في الأرض، يقيمها لمن شاء منهم في السماء.
بولس: فهل تراك تأتينا بالأسانيد الضعاف
لإثباتها؟
عبد القادر: إن هذه المعجزة ثابتة بأدلة
لا تكاد تحصى، فقد تواترت الأخبار بأن كفار مكة سألوا النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يريهم علامة تدل على صدق نبوته،
فَأَرَاهُمْ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا غار حِرَاء بَيْنَهُمَا، وكان
ذلك قبل الهجرة بخمس سنوات، فلما رأى الكفار ذلك قالوا: سحرنا محمد، ثم قالوا
انظروا ما يأتيكم به السفار، فجاء السفار من كل وجه فأخبروهم بذلك..
ففي الحديث عن ابن عباس وغيره: اجتمع
المشركون على عهد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل هشام والعاصي بن وائل والاسود بن حبر يغوث
والاسود بن عبد المطلب والنضر بن الحرث ونظراؤهم فسألوا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يريهم آية، وقالوا: إن كنت صادقا فشق
لنا القمر فرقتين نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان ـ وفي لفظ: حتى راوحوا من
بينهما قدر ما بين العصر إلى الليل ـ فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (اشهدوا)، فنظر الكفار ثم مالوا
بأبصارهم فمحوها، ثم أعادوا النظر، فنظروا، ثم مسحوا أعينهم، ثم نظروا فقالوا: سحر
محمد